تداعيات طوفان الأقصى..كيف ستتأثر صورة إسرائيل داخل القارة السمراء؟

كانت الدول الإفريقية التي تخلَّصت من آلام الحكم الاستعماري في الستينيات من القرن الماضي ذات علاقات باردة تجاه إسرائيل، وكانت متعاطفة مع نضال الفلسطينيين الذين اقتُلِعُوا من أراضيهم وديارهم في عام 1948م.

تتراوح مواقف الدول الإفريقية بشأن المعركة التي بدأتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر الماضي بين ثلاثة مواقف رئيسة؛ وهي: دعم إسرائيل، والتعاطف مع تحرير فلسطين، وعدم الانحياز الذي اتَّسم بدعوات لوقف إطلاق النار وإعادة التأكيد على حلّ الدولتين.

ومن بين أقوى مؤيدي إسرائيل في القارة: غانا ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا، التي أعربت حكوماتها جميعها عن تضامنها مع إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر، في حين وجدت فلسطين أقوى دعم لها في إفريقيا بين مجموعة دول شمال القارة وجنوبها وعلى رأسها جنوب إفريقيا.

يقول المحلل الجيوسياسي المتخصص في علاقات إفريقيا الخارجية، كريس أغونمودي إنه من المؤكد أن الشعوب والحكومات الإفريقية تهتم بالأحداث في فلسطين بنفس القدر الذي تهتم به الشعوب في أماكن أخرى، لكن من الصعب الحديث عن “وجهة النظر الإفريقية”؛ حيث إن هناك أكثر من 1.4 مليار شخص في 55 دولة عبر إفريقيا، ولهم وجهات نظر مختلفة لا نعرف الكثير عنها في الوقت الحالي.

في حين يذهب الخبراء إلى أن الانقسامات في إفريقيا تُسلِّط الضوء على محاولة كل حكومة تجزئة مصالحها، وتؤكد على تطور العلاقات بين بعض الدول الإفريقية وإسرائيل، فمن ناحية هناك علاقات عميقة الجذور مع الحركة الفلسطينية؛ ومن ناحية أخرى هناك عرض التكنولوجيا المتطورة والمساعدات العسكرية من إسرائيل؛ فما الذي قد يُحدِّد مدى ميل إفريقيا في المستقبل؟

سياسة الكيل بمكيالين!

ويأتي السؤال: هل تتعامل الحكومات الإفريقية بوجهين فيما يتصل بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟ التجارة مع إسرائيل، وتعزيز العلاقات معها، في حين تتحدَّث في بعض الحالات عن مناصرة القضية الفلسطينية؟

يرى الخبراء أن التناقض الظاهري والانقسامات داخل إفريقيا بشأن هذه العدوان الإسرائيلي على غزة ليس مفاجئًا، ويشيرون إلى الانقسام الأخير في مواقف القارة بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022م، وبينما لم يتم التغاضي عن الغزو الروسي لدولة ذات سيادة؛ اختار ثلث الدول الإفريقية البقاء على الحياد في تصويت الأمم المتحدة الذي يدين الغزو الروسي .

وبغض النظر عن طبيعة العلاقة بين الدول الإفريقية وإسرائيل؛ فإن العديد من الحكومات الإفريقية قد تتعاطف مع المشاعر الفلسطينية القائلة بأن القوى الغربية -والولايات المتحدة على وجه الخصوص- بعيدة كل البعد عن كونهم وسطاء صادقين في الصراع .

وفي مثال آخر، صوَّتت الدول الإفريقية، على الرغم من تكثيف العلاقات مع إسرائيل، بأغلبية ساحقة ضد القرار الأمريكي بفتح سفارة في القدس المتنازع عليها في اجتماع طارئ للأمم المتحدة في عام 2017م.

 

سيل الطوفان!

تكمن الصدمة التي تعيشها إسرائيل حاليًّا في إخفاقها الذي حدث بمعركة “طوفان الأقصى” في مجال الاستخبارات العسكرية، والذي تتباهى على الدوام بقدراتها المتقدمة فيه، يرى الخبراء العسكريون أن إسرائيل تحولت في يوم 7 أكتوبر الماضي من قوة استخباراتية كبرى في العالم إلى قوة لا توجد لديها أيّ استخبارات فعَّالة .

وكانت إسرائيل تُعتبر شريكًا جذابًا للعديد من الحكومات الإفريقية بسبب تكنولوجياتها الدفاعية المتقدمة ومكانتها الرائدة عالميًّا في القطاع الزراعي، وفي العقد الماضي كثَّفت الجمعيات الإسرائيلية الخاصة وشركات التكنولوجيا والسياسيون جهودهم للحصول على مكانة بارزة في إفريقيا .

وعن تأثير ما حدث في 7 أكتوبر على استمرار عملية التطبيع، يتوقع خبير العلاقات الإسرائيلية الإفريقية، أنه من المحتمل أن يحدث تقويض لعملية التطبيع، ومن غير المرجّح أن تنضم أيّ دولة إفريقية جديدة لاعلاقات لها مع إسرائيل وذات أغلبية مسلمة إلى اتفاقيات “أبراهام” في المستقبل القريب.

وأضاف أنه في حال استمرت الحرب لفترة طويلة قد يتم توجيه بعض الصادرات الإسرائيلية إلى الاستهلاك العسكري المحلي مما يُضْعِف قدرات إسرائيل التصديرية.

مستقبل العلاقات الإسرائيلية الإفريقية.. إلى أين؟

في ظل التطورات المتسارعة على الساحة السياسية العالمية، يُطرح تساؤل عن مستقبل العلاقات الإسرائيلية الإفريقية، فـبمجرد انتهاء الحرب في غزة ستجد إسرائيل نفسها أمام تحدٍ كبير لترميم علاقاتها الخارجية من جديد.

وأخيرًا.. يبدو أن معركة طوفان الأقصى ستتجاوز حدود بقعتها الجغرافية، لتنتقل آثارها وتداعياتها لأبعد من المُتوقع، فهل تتدارك إسرائيل فشلها لترميم صورتها من جديد؟ أم سيكون لإفريقيا رأي آخر في ظل التغيرات على الساحة العالمية؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.

المصدر : قراءات افريقية 

الصحفية : روضة علي عبد الغفار – بتصرف

Share

Related News

Comments

No Comments Found